الخميس، 27 أغسطس 2020

يد بيضاء (العم أحمد)

في أحد أعراس القرية، كنت طفلاً أراقب تدافعَ المدعوّين في صعودهم إلى موكِب الزفّة.
بعض الأهالي أركبوا أطفالهم في الحافلة، ولك أن تتخيّل مدى قهري وأنا أرى أصدقائي يلوّحون لي من النوافذ، وليس لدي من يسهّل صعودي.

اقتلعتِ الحافلاتُ قلبي حين انطلقت فاتحةً مزاميرها. ركضت بموازاة إحداها بكلّ ما في الطفولة من إصرار وغيرة ورغبة ورجاء.
وسط استهجان بعض الركّاب من تهوّري، وقبل أن ينال مني اليأس بلحظة، مدّ لي (العم أحمد) يده وأصعدَني الجنة.

اليوم، كلما أتعبني الجري اللاهث خلف عزيز أو حلم أو فرح، أفتقد نصاعة الأبيض في يد العم أحمد.

يا عمّ: مَن يُعيرُني يدك والحافلة والعرس لهذا الوطن الراكض كفهدٍ جريح في براري خيباته؟!

قلوب على المكسر

في السوق ينادي البائع فوق بسطته: (بطيخ عالمكسر).
يشتري الزبون بعد أن يقتطع حزّاً يطمئن من خلاله على سلامة المدينة الحمراء التي أسوارها خضراء وسكّانها عبيد ومفتاحها حديد.

عن نفسي، يُرضيني هذا البيع كثيراً؛ إذ يُجنِّبُني التعثّر في دروب الحظ، ولا سيما أن حظي يؤكِّد لي دائماً نصاعةَ بياضه في هذه البضاعة.

عدتُ فرِحاً بمغنمي، يلحقُني صوتٌ ممطوط: عالمكسر يا بطيييخ.
في البيت، أثبتت (الدبشية) باحمرارها المبهج وطعمها الحلو أنها تستحق كل هذا الترويج وأكثر.
هنا فقط أخذت أتصوّر جمال العلاقات في الحياة لو كانت قلوبُ البشر على المكسر؟!

#على_نقيض_الفكرة:
أولئك الذين كسروا خواطرنا بقصد التجريب، هل كان أحدهم بيّاع بطيخ قبل أن يصير بيّاع كلام؟!